من خلال دمج وظائف الذكاء الاصطناعي التوليدي في البرامج، يمكننا إنشاء آليات لم تكن قابلة للتحقيق سابقًا باستخدام البرمجة التقليدية.
علاوة على ذلك، ومع تطور الذكاء الاصطناعي التوليدي ليصبح قادرًا على توليد البرامج تلقائيًا، سنتمكن من إنشاء وتشغيل البرامج بحرية وسهولة بمجرد تصورها.
لقد قمت، حتى الآن، ببناء أنظمة تقوم بترجمة مقالات مدونتي إلى الإنجليزية ونشرها على مدونة إنجليزية، وإنشاء مقاطع فيديو توضيحية من مقاطع فيديو العروض التقديمية ورفعها على يوتيوب، وتوليد ونشر موقع مدونتي الخاص مع الفهارس والفئات والعلامات.
وبهذه الطريقة، يمكن تسمية الآلية التي تستخدم المحتوى الأصلي كمادة خام وتدمج وظائف الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنتاج محتوى مشتق متنوع بـ "المصنع الفكري".
علاوة على ذلك، لقد أنشأت تطبيق ويب لتشغيل هذا المصنع الفكري وإدارة حالته، مما يجعله متاحًا على أجهزة الكمبيوتر الشخصية والهواتف الذكية. بالإضافة إلى ذلك، يتم تنفيذ الأجزاء التي تتعامل مع المعالجة التلقائية التي تثيرها الأحداث على أجهزة افتراضية مُعدة للمعالجة الدفعية بما يتجاوز الواجهة الخلفية.
وهكذا، قمت بتطوير الواجهات الأمامية لأجهزة الكمبيوتر الشخصية والهواتف الذكية، والواجهة الخلفية لخادم الويب، ومعالجة الدُفعات على الأجهزة الافتراضية، والبنية التحتية لهذه الأنظمة، كل ذلك بنفسي بدعم من الذكاء الاصطناعي التوليدي.
هذا ليس مجرد هندسة متكاملة (full-stack engineering)، بل يمكن تسميته "الهندسة الشاملة" (Omnidirectional Engineering)، التي تطور جوانب مختلفة من النظام بشكل شامل.
علاوة على ذلك، عند تحسين جوانب تطبيق الويب المطور التي يصعب استخدامها أو إضافة ميزات جديدة، يمكنني تكليف البرمجة للذكاء الاصطناعي التوليدي، مما يتيح إجراء تحسينات سهلة أثناء الاستخدام.
يتميز هذا بمرونة وسلاسة أكبر من البرمجيات التقليدية، مما يمكّنني من إنشاء شيء يتناسب تمامًا مع طريقة استخدامي. أطلق على هذا اسم "البرمجيات السائلة" (Liquidware).
لقد قمت شخصيًا بتطوير هذه الأنظمة وأنا أستخدمها بالفعل. هذا ليس مجرد مفهوم؛ إنه بالفعل واقع تطوير البرمجيات.
على الرغم من أنه لم يتم تطويره بعد، في مجال أنظمة الأعمال، أتوقع أن تصبح منهجية تطوير "البرمجيات الموجهة نحو عمليات الأعمال" (Business Process-Oriented) حقيقة واقعة.
هذا نهج لا يهدف إلى التحسين الشامل للبرامج، والذي يعقد الأنظمة، بل يقسم وحدات البرامج إلى "عمليات أعمال" فردية.
يتم مشاركة التعريف الأساسي لإطار واجهة المستخدم، وإدارة امتيازات المستخدم، ونماذج البيانات التي تحتاج إلى مشاركتها بين "عمليات الأعمال" فقط كإطار خارجي لنظام الأعمال.
تُدار المعالجة الداخلية الأخرى للنظام والبيانات المؤقتة على مستوى "عملية الأعمال".
قد تكون هناك وظائف أو هياكل بيانات داخل هذه يمكن مشاركتها من خلال "عمليتي أعمال" أو أكثر. ومع ذلك، إذا تم تحويلها إلى وحدات مشتركة أو مكتبات مخصصة، فبينما تتحسن قابلية إعادة استخدام الكود والجودة، يصبح هيكل البرنامج معقدًا، وتتطلب التغييرات دراسة مستمرة لتأثيرها على "عمليات الأعمال" الأخرى.
في وضع يقوم فيه الذكاء الاصطناعي التوليدي بإنشاء البرامج تلقائيًا، تفوق عيوب الجانب الأخير مزايا الجانب الأول. لذلك، يصبح النهج الموجه نحو "عمليات الأعمال"، الذي يركز على "التحسين الفردي" بدلاً من التحسين الشامل، منطقيًا.
بالإضافة إلى ذلك، تخيل وحدات مثل "إدخال معلومات الموظف الأساسية الجديدة"، أو "تحديث معلومات الموظف الأساسية"، أو "البحث عن الموظفين بالاسم" كـ "عمليات أعمال" فردية.
في منهجيات التطوير التقليدية، سيتم فصل كل واجهة مستخدم وعملية واجهة أمامية وعملية واجهة خلفية وعملية دفعة إلى ملفات مختلفة في دلائل مختلفة. علاوة على ذلك، سيتم تطوير كل منها بواسطة مهندس مختلف.
ومع ذلك، عندما يقوم مهندس واحد بتطبيق "الهندسة الشاملة" عن طريق جعل الذكاء الاصطناعي التوليدي يقوم بالبرمجة، يصبح من المنطقي دمج الكود المطلوب لـ "عملية أعمال" واحدة في ملف أو مجلد واحد.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أيضًا دمج نتائج تحليل المتطلبات ومواصفات الاختبار ونتائج الاختبار وسجلات المراجعة في نفس الموقع.
يتيح هذا إدارة جميع منتجات هندسة البرمجيات على مستوى "عملية أعمال" واحدة. ولأنه لا توجد حاجة للنظر في التحسين الشامل، يمكن تركيز التحسينات داخل "عملية الأعمال" هذه، ويمكن إضافة "عمليات أعمال" جديدة بسهولة إلى نظام الأعمال.
وبهذه الطريقة، يشهد تطوير البرامج وما يمكن تطويره بالبرامج تغييرات كبيرة بسبب الذكاء الاصطناعي التوليدي. هذا ليس سيناريو مستقبليًا؛ إنه بالفعل الحاضر، وفي المستقبل القريب، لا يمكن لمدى تعقيده إلا أن يستمر في التقدم، ويجب أن تتجاوز المرحلة التالية ذلك حتمًا.
أنظمة المحاكاة
ما يمكن تحقيقه من خلال البرامج لا يقتصر على أنظمة الأعمال و"المصانع الفكرية" المذكورة هنا.
يمكن تصنيف المجالات المتبقية التي لم أذكرها بشكل عام على أنها "أنظمة محاكاة".
سواء كان حل معادلات فيزيائية بسيطة بصيغة تحليلية واحدة أو حساب ظواهر فيزيائية معقدة ببرامج تكرارية، يمكن اعتبار كلاهما "أنظمة محاكاة".
علاوة على ذلك، يمكن استخدام "أنظمة المحاكاة" ليس فقط في الفيزياء، بل أيضًا في الكيمياء، والبيولوجيا، وعلم الاجتماع، والاقتصاد، ومجالات أخرى. وبعيدًا عن الأكاديميا، تُطبق المحاكاة أيضًا في الهندسة، والطب، والعمليات المؤسسية، وإدارة الأعمال.
تُعد الألعاب أيضًا نوعًا من "أنظمة المحاكاة". في أي لعبة، تتم محاكاة الفيزياء، والمجتمع، والقواعد، والجوانب الأخرى داخل "عالم" اللعبة، بمعنى من المعاني.
بالإضافة إلى ذلك، فإننا نجري نوعًا من المحاكاة عندما نخطط لحياتنا، أو سفرنا، أو كيفية إنفاق أموالنا.
لقد أجريت هذه المحاكاة بطرق مختلفة: عن طريق إنشاء وتشغيل البرامج، أو حساب المعادلات على الورق، أو التفكير في رؤوسنا، أو تنظيم الأفكار بالنصوص والأسهم على السبورة البيضاء، أو رسم الرسوم البيانية في Excel.
يتيح تطوير برنامج محاكاة لمشكلة محددة إجراء محاكاة أكثر تعقيدًا من المعادلات التحليلية. ومع ذلك، فإنه يتطلب مهارات تطوير البرمجة، والجهد، والوقت.
كما يتطلب توضيح نموذج المحاكاة، والذي بدوره يتطلب مهارات، وجهدًا في التفكير، ووقتًا.
بالإضافة إلى ذلك، اقتصرت المحاكاة على ما يمكن التعبير عنه في شكل برمجي، وفي السابق لم يكن من الممكن محاكاة إلا ما يمكن التعبير عنه حسابيًا.
يغير الذكاء الاصطناعي التوليدي هذا الوضع بشكل كبير.
لا يستطيع الذكاء الاصطناعي التوليدي تطوير برامج "أنظمة المحاكاة" بسهولة فحسب، بل من خلال دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في "أنظمة المحاكاة"، يمكن أيضًا محاكاة العناصر التي لا يمكن التعبير عنها رياضيًا. وهذا يتيح عناصر محاكاة نوعية غامضة ومحاكاة تتضمن عوامل ذكية شبيهة بالبشر.
علاوة على ذلك، يمكن التعبير عن نماذج المحاكاة هذه ليس فقط رياضيًا ولكن أيضًا باللغة الطبيعية وتفسيرها بواسطة الذكاء الاصطناعي التوليدي.
سيجعل هذا من السهل تحويل المحاكاة المختلفة التي قمنا بها في العديد من المواقف إلى "أنظمة محاكاة".
نتيجة لذلك، سنكون قادرين على الحصول على نتائج محاكاة أكثر دقة وكفاءة وفعالية، مع تقليل احتمالية إغفال التفاصيل أو إدخال التحيزات.
علاوة على ذلك، عند النظر في المشكلات المعقدة أو مناقشتها، سنكون قادرين على استخدام "نظام محاكاة" للنظر والمناقشة، بدلاً من الاعتماد على المحاكاة الذهنية الفردية.
يعزز هذا دقة التفكير ويجعل المناقشات أكثر بناءة. بدلاً من الإشارة إلى ذكاء بعضنا البعض أو الأخطاء في التفكير، يمكن للمناقشات التركيز على نقاط واضحة مثل النماذج الأساسية للمحاكاة، وأي إغفالات أو عناصر مفقودة، وكيفية تقدير الأجزاء غير المؤكدة بدرجة عالية، والمقاييس التي يتم إعطاؤها الأولوية بين النتائج.
مع سهولة إنشاء "أنظمة المحاكاة"، ستتحول طريقة تفكيرنا من التفكير الخطي - الذي يركز على الحدس والافتراضات وسوء نية الآخرين أو أخطائهم - إلى "التفكير بالمحاكاة".
هذا يشبه البحث في الإنترنت على هاتف ذكي أثناء مناقشة للتحقق من مصادر الأخبار، أو ويكيبيديا، أو المصادر الأولية. لن تكون هناك حاجة لمجادلات لا نهاية لها تعتمد فقط على ذكريات بعضنا البعض.
أثناء المناقشة، سيقوم الذكاء الاصطناعي التوليدي بتنظيم نموذج المحاكاة وقواعد المحاكاة والشروط المسبقة من محتوى المناقشة.
يحتاج المشاركون في المناقشة فقط إلى إضافة أو تصحيح المعلومات والفرضيات في هذا النموذج والقواعد، ثم التحقق من نتائج المحاكاة. تمامًا كما عند العثور على مصدر إخباري موثوق، يمكن أن تكون نتائج المحاكاة هذه بمثابة أرضية مشتركة لتعميق النقاش.
هذا يعني أن الأشخاص الذين يستمعون إلى المناقشة لن يعيشوا بعد الآن في عصر يحتاجون فيه إلى التفكير في من هو على حق أو من هو جدير بالثقة. ولن يغفلوا جوهر الموضوع بمحاولة فهم المصطلحات والمفاهيم التقنية الغامضة التي تظهر في المناقشة.
سوف يحتاجون فقط إلى النظر في أشياء بسيطة جدًا: كيفية تقييم عدم اليقين والقيم التي يجب إعطاؤها الأولوية.